أفادت دائرة العلاقات العامة في جامعة الزهراء أن السيد محمود مدني شرح بمناسبة اسبوم الحجاب والعفة المراحل الثلاثة العقدية والاخلاقية والعملية لتحقيق العفة، وسيتم تقديمها للقارئ الموقر على شكل تقرير.

نحتفل بأسبوع الحجاب والعفة ونتذكر الدماء الطاهرة والقيمة التي أريقت على الأرض طوال تاريخ الشيعة لإحياء كلمة الإسلام والحفاظ على مبادئ الدين الإسلامي، وخاصة قضية العفة والحجاب، وخاصة شهداء الدفاع عن الحجاب في مسجد جوهرشاد الذين تم قتلهم برشاشات جنود رضا شاه وتم نقل الجرحى وجثث الموتى خارج المدينة بواسطة الشاحنات ودُفن بعضهم وهم أحياء.

قضية الحجاب والعفة تتكون من جزئين؛ الجزء الأساسي والمبدئي وهو العفة والجزء الثانوي الفرعي وهو الذي يتمثل بالحجاب. بالطبع عندما نقول الجزء الرئيسي والجزء الثانوي، لا ينبغي لنا أن نعتقد أن الحجاب غير مهم، تمامًا كما لدينا معتقدات في الإسلام مثل التوحيد وهو أمر أساسي وبجانب ذلك توجد فروع وهي الصلاة ولا أحد يقول أن الصلاة تحظى باهمية دنيا على الإطلاق. على أي حال، لا ينبغي تجاهل أن العفة التي تعني النقاء الروحي لها موقع أساسي، والحجاب هو فرع وزهرة جميلة على شجرة العفة. تعتبر العفة مهمة للغاية في الاحاديث إلى الحد الذي ذكر في الاحاديث، أن الشخص العفيف لن يكن اجره أقل من الشهيد.

العفة تترتب على ثلاث مراحل: عقدية، اخلاقية وعملية.

المرحلة الاولى: العقدية

في هذه المرحلة، هناك بعض العناصر، نشير اليها:

في فكر الانسان المسلم، الملذات الجسدية والرغبات الجنسية لم تشكل غاية الحياة، فالإنسان في الاسلام هو مسافر يرجوا لقاء الله "يٰا أَيُّهَا الْإِنْسٰانُ إِنَّكَ كٰادِحٌ إِلىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاٰقِيهِ" (1) و في هذا السبيل الصواب، أن استخدام رغباته والالتذاذ بها حق مكفول له. هذا أمر مهم للغاية ولذلك ينبغي تثقيف المجتمع حتى يعرف أولادنا وبناتنا أن المتعة والالتذاذ بالماديات ليست مبدأ الحياة.

للإنسان الحق في التمتع في الحياة، وقد وضع الله تعالى الرغبات الجنسية والشهوة للإنسان للتمتع من خلالها، ولكن في إطار القانون والشرع، تمامًا مثلما يتمتع الإنسان بحقوق أخرى مثل الحق في الملكية، ولكن يجب أن يكون في إطار القواعد ورعاية حق الاخرين. لم يأت الإسلام للحد من التذاذ الناس، لكنه يريد توفير إطار لجميع البشر ليكونوا قادرين على استخدام هذه الغرائز التي اودعها الله في وجود الانسان بشكل صحيح.

المرحلة الثانية: الاخلاق

في الاسلام لدينا أخلاق جنسية حيث يعتبر الحياء من اساسيات هذه الأخلاق وتعتبر امتيازا خاصا للبشر، وخاصة للنساء، بحيث ذكر في الاحاديث: " لَا إِیمَانَ لِمَنْ لَا حَیَاءَ لَهُ" (2). كما لدينا في الاحاديث أن الحياء جميل من الجميع ومن النساء افضل. مع الاسف، في العديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والمحادثات تم كسر حدود العفة وتم غرس فكرة ما في المجتمعات الاسلامية مفادها أنه إذا تصرفت فتاة في المجتمع مثل الرجل وارتدت ملابس غير عادية وعملت بأخلاق الرجال فهي شجاعة، بينما على عكس هذا الاتجاه، لدينا نماذج من النساء عندما بدأ رضا خان حملته ضد الحجاب، بقين في المنزل لمدة ست سنوات حتى لا يتم رفع الحجاب من رؤوسهن. وينقل أن الامام بقية الله الاعظم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حضر في ساعة احتضار احدى هذه النساء تكريما لعفتها وحياءها. يجب تقديم هذه النماذج إلى الناس وتكريس هذه القيم الحقيقية والفطرية في المجتمع وخاصة بين جيل الشباب، بحيث يجب ترويج صفة الحياء والعفة في المجتمع. وخلافا لذلك، إذا اختفت روح العفة والحياء في المجتمع حتى لو كان مراعاة الحجاب بسبب الضغط فان ذلك لن يجد نفعا. علينا أن نؤمن بأن الحقيقة الموجودة في كل قصص الحب لأدبنا مثل ليلى ومجنون وشيرين وفرهاد وويس ورامين هي روح العفة والحياء الذي كانوا يراعونها في حبهم، ولم يكن كحب الشوارع المبتذل الذي أصبح شائعًا هذه الأيام في العالم.

ولذلك لبناء روح الاخلاق على صعيد الحياء والعفة يجب أن نقوم بكثير من الاجراءات خاصة ينبغي أن نبدء بذلك لتعليم اطفالنا منذ السن المبكر.

المرحلة الثالثة: الحجاب العملي

العفة إذا أرادت أن تتحقق وتتجسد في عقيدة وعمل فانها تظهر عبر الحجاب. الحجاب الذي يعني الملابس حدوده محددة عند الرجال والنساء وهي مذكورة في الكتب الفقهية، على الرغم من أن الحجاب يختلف بالنسبة للمرأة بسبب الخصائص التي وضعها الله فيها. إن قصة حجاب المرأة ليست قصة تعبير علماء الدين، رغم أن بيانهم مشرف ايضا، ولا قصة بيان الاحاديث الدينية، على الرغم من أن الاحاديث مشرفة أيضًا، ولكن الامر بالحجاب جاء عبر النص الصريح للقرآن الكريم في سورتي النور والاحزاب والروايات هي تفسير وشرح هذه الآيات الكريمة، وبيانات العلماء هي شرح وتحديد لحدود الحجاب باستخدام مصادر دينية.

تاريخيا، ثبت أنه كلما انتشر الفساد بين أمة ما اقترب انهيار حضارتها، لقد بينت هذا الموضوع في كتاب "الفساد سلاح الهجوم الثقافي" من خلال جمع أمثلة تاريخية مختلفة تستند إلى أقوال المؤرخين غير المتدينين وقد قدمته كسنة إلهية:

يقترب انهيار الحضارة عندما تكون الأمة عالقة في الترف، وهو ما يعني الفساد والعبودية وتجاهل المعايير الأخلاقية. وفقا للاحاديث الدينية أنه عندما أصبحت الفحشاء شائعة بين قوم بني إسرائيل، كشف الله تعالى لموسى أنه يجب معاقبة قومك على الفساد والخطيئة، وخيرهم الله بين عدد من انواع العذاب، واختاروا هم نوعا من العذاب.

في النهاية، من المناسب أن نقدر الدور الايجابي للمرأة الإيرانية قبل الثورة وأثناء الثورة الاسلامية وفي الدفاع المقدس والآن في مختلف المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية التي تتواجد في كل هذه الميادين مع الحفاظ على الحجاب والعفة وخلقت ملاحم عظيمة.

أن جامعة الزهراء سلام الله عليها، كمؤسسة علمية تنقل رسالة مفادها اننا نعتقد من خلال الحفاظ على الحجاب والعفة يمكننا اجتياز القمم العلمية والبحثية ولدينا تعامل مفيد وإنساني مع المجتمع والعالم.